ديوالي: لمحة تاريخية وثقافية عن «مهرجان الأضواء» (2025)
مقال بحثي يشرح أصل ديوالي وتطوره عبر القرون، ومعانيه الدينية والثقافية في تقاليد متعددة، وتنوّع الاحتفال به في الهند والمهجر.

ديوالي: لمحة تاريخية وثقافية عن «مهرجان الأضواء»
ديوالي (أو «ديوالي/ديباوالي»، من السنسكريتية Deepavali بمعنى «صفّ المصابيح») هو أحد أشهر المهرجانات في جنوب آسيا ويُعرف بـ«مهرجان الأضواء». يُحتفى به أساسًا في الهند وخارجها بين الجاليات، ويقع عادةً في أكتوبر/نوفمبر تبعًا للتقويم القمري-الشمسي؛ إذ يتزامن مع ليلة المحاق من شهر كارتِكا في كثير من التقاليد. يضمّ المهرجان طبقات تاريخية ودينية وثقافية متعدّدة، وتختلف دلالاته وممارساته بين المناطق والطوائف.
أصل التسمية والأطر المرجعية التاريخية
- الاشتقاق اللغوي: Deepa (مصباح/نور) + avali (صف/سلسلة)، أي صفوف المصابيح الزيتية (ديّات/دِيَه).
- ذكرٌ قديم: تظهر إشارات إلى مواسم/احتفالات للضوء والحصاد في نصوص وأدب تقليديين متنوعين، وتطوّر اسم «ديباوالي/ديوالي» لاحقًا كعلامة جامعة لاحتفال ذي دلالة دينية-اجتماعية.
التنوّع الديني والمعاني المتعدّدة
لا ينحصر ديوالي في تقليد واحد؛ بل يحمل معاني مختلفة عبر الديانات:
- الهندوسية: تُبرز سرديات رمزية عن انتصار الدارما (الحق/العدل) على الأدارما (الفوضى/الظلام)، مثل استقبال راما وسيتا إلى أيوذيا في روايات الرامايانا، أو عبادة لاكشمي (النماء/اليسر)، أو تكريم كريشنا لانتصاره على الشر في قصص محلية.
- اليانية (الجاينية): يرتبط ديوالي بيوم النيرفانا (التحرّر) عند مهاويرا في القرن السادس قبل الميلاد وفق التقليد الياني.
- السيخية: يتزامن مع باندي شور دِيفس (يوم تحرير السجناء) المرتبط بالإمام السادس جورو هارغوبند؛ لذلك تتزيّن الجوردوارا بالأضواء.
- بعض تقاليد البوذية (النيفار/نيبال): يُحتفى بأيام مضيئة متزامنة ذات روح مماثلة (إضاءة/طهارة/تجديد).
خط زمني موجز
- العصور القديمة: جذور احتفالات الضوء والحصاد متداخلة مع الدورات الزراعية وبدايات الشتاء.
- العصور الوسطى: ترسّخ طقوس الإضاءة والكرم والاحتفاء المحلي في المدن والقرى، وتكاثرت الروايات الرمزية.
- العهد الحديث: أصبح ديوالي مهرجانًا حضريًا واسعًا مع اقتصاد مواسم واضح (حلويات، زخارف، هدايا).
- الشتات العالمي: انتقل إلى بريطانيا وأمريكا وكندا وأفريقيا وجنوب شرق آسيا، واكتسب طابعًا مجتمعيًا عامًا.
العناصر الثقافية المشتركة (بوصفٍ تفسيري)
- الضوء: إضاءة المصابيح/الشراغي والشموع كرمز للنقاء والأمل، وتزيين البيوت والمتاجر بالأضواء.
- البيت والمجتمع: تنظيف المنازل، تبادل الزيارات والهدايا، وإبراز قيم الضيافة والتكافل.
- المطبخ والحلويات: حضور قوي للحلويات التقليدية والأطعمة الموسمية وفق أعراف المناطق.
- الأسواق: ازدهار التجارة الموسمية (الذهب/الملابس/الهدايا)، وظهور تخفيضات مرتبطة بالمناسبة.
تنويعات إقليمية مختصرة
يتّخذ ديوالي أسماء وملامح محلية متباينة داخل الهند وخارجها:
- شمال الهند: إبراز رواية عودة راما وسيتا، وطقوس تتعلق بالضوء والضيافة.
- غرب الهند: تركيز على لاكشمي وازدهار الأعمال، وتقاليد تجارية/محاسبية موسمية.
- جنوب الهند: ارتباط بسرديات كريشنا أو أساطير محلية، مع طابع أسري قوي.
- شرق الهند ونيبال: تتقاطع روايات الضوء مع مواسم محلية وعادات فنية/موسيقية.
- الشتات: مهرجانات مجتمعية في الساحات العامة، عروض فنية، وإضاءة معالم حضرية.
التقويم وتبدّل التاريخ السنوي
يعتمد التحديد على التقويم القمري-الشمسي، لذا يتحرك التاريخ مقابل التقويم الميلادي. غالبًا ما يقع ديوالي في أكتوبر أو نوفمبر، متزامنًا مع ليلة المحاق من كارتِكا في تقاليد عديدة. تختلف التواريخ الفرعية (أيام متعاقبة) بين مناطق ومدارس فقهية، فيظهر «ديوالي» كـ«موسم قصير» أكثر من كونه يومًا واحدًا ثابتًا.
ديوالي كظاهرة اجتماعية-اقتصادية
- انتعاش قطاعات الزينة والموضة والحلويات والذهب والأجهزة المنزلية خلال الموسم.
- حملات خيرية ورعاية مجتمعية تسلّط الضوء على قيم العطاء.
- سياحة داخلية وخارجية إلى المدن ذات الفعاليات الكبرى.
التمثّل المعاصر والصورة الإعلامية
مع الانتشار العالمي، تطوّرت صورة ديوالي بوصفه مهرجانًا للضوء والأمل والانتماء، وتبنّت مؤسسات ومدن حول العالم إضاءةً رمزية أو فعاليات ثقافية للتعريف بالمناسبة، فيما تحافظ المجتمعات على خصوصيّتها المحلية.
خلاصة
ديوالي ليس مناسبة موحّدة الطقوس؛ إنما هو مظلّة ثقافية-دينية واسعة تجمع بين معاني النور والتجدد والروابط الاجتماعية، وقد تراكمت حوله قراءات تاريخية وسرديات رمزية متنوّعة عبر القرون والمناطق.